وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إن حقيقة الحب هي الكفيلة بتوازن الرجاء والخوف في القلب، لأنّه كلما زاد الحب زاد الحياء، الذي يمنع بدوره من مخالفة المحبوب، وزاد في القلب خوف الهجران والتقصير معه.
قليل من التأمل في حالة المحب يرفع الاشكالية المذكورة، نعم قد يبدأ البعض عبادته خوفا وطمعا، وثمّ اذا استقام أمر هذا الانسان بفضل امتثاله للواجبات وتركه للمحرمات يطهر القلب الذي فُطِرَ على محبة الله تعالى، ثم يأخذ هذا الحب بالنمو في القلب ببركة اتباع الاوامر والنواهي { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} آل عمران - 31
فعندما يزداد الانسان معرفة بالله تعالى يزداد حبا له، ومقتضى زيادة تلك المعرفة أيضا أن يزداد خوفه لأن غياب الخوف بسبب الجهل، ألا ترى كيف الطفل يقدم على الامور المؤذية له لجهله، وأيضا بسبب الغفلة، فإذا ارتفعت الغفلة وزاد العلم حصلت الخشية والمحبة فالمعرفة تجر خوفا ورحمة وحبا ولا تنافي بينهما أبدا، لأن الحب الحقيقي يعلم المحب دائما أنه ليس أهلا لذلك الحب من محبوبه الذي هو الله فيبقى خوفه في القلب ولكن يعالجه بمعرفته بسعة رحمته وجميل صفاته، وما ذلك التحير بين الجلال والجمال إلا سر من اسرار هذا الحب وجذبة من جذاباته ومعدن استدامته.والله أعلم.
دمتم موفقين لكل خير.