عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وكما جرت العادة فإنّ لنا مع الحديث :
وقفة سندية و أخرى دلالية
أما السندية:
فإنَّ الحديث المذكور معروف مشهور، وشهرته ناشئة من وروده عندنا ووجوده في مجاميعنا بأسانيد معتبرة طبقا لقواعدنا.
وأما الدلالية:
فقد كفانا العلامة المازندراني (رحمه الله)مؤونة شرحه حيث إنّه أفاد ما يلي:
الظاهر بالنظر إلى الجواب أنه سأل هل يجوز تغيير شيء منهما؟
وهل جاء النبي بجميع ما تحتاج إليه الامة؟ وهل يجوز إثبات شيء منهما بالقياس أم لا؟
(فقال: حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة) يعني ما كان حلاله وحرامه حين وفاته (صلى الله عليه وآله) فهو باق مستمر إلى يوم القيامة لا يتطرق إليه التغيير بوجه من الوجوه، وهذا لا ينافي ورود النسخ على بعض الأحكام في حال حياته.
(لا يكون غيره) أي لا يوجد غيره مما يحتاج إليه بل كل ما يحتاجون إليه فهو ثابت في الشريعة.
(ولا يجيء غيره) بالرأي والقياس، يعني لا يجوز إحداث شيء من الأحكام بالقياس.انتهى ما ذكره(1).
وأما بالنسبة لما ذكرتم من تغيير حكم الشطرنج فكأنكم أردتم القول كيف يجتمع الافتاء بحليته مع كون النصوص دالة على حرمته أليس هذا يناقض الحديث الذي صدّرنا به الكلام فعن أي بقاء تتحدثون و الحال أنه لم يبقَ؟
إذا كان كذلك فإننا نقول إنّ الحلال باق على حليته و الحرام كذلك طبعا ما لم يعرض بعض العناوين الثانوية الحاكمة على الأولية كـ(لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) فمثلا حيث يجوز أكل الميتة عند الحاجة إليها و الخوف من الضرر المعتد به على النفوس.
ولكن كلامنا ليس من هذا القبيل فإنَّ من ذهب إلى حلية الشطرنج رأى أن الحكم بحرمته انصب على كونه من آلات القمار وحينما يرتفع هذا المحذور يرتفع الحكم بتبعه وهو الحرمة فيصير حلالا، فالحكم تابع لموضوعه، فكأن الروايات أقرت حرمته قائلة:الشطرنج حرام لأنه من آلات القمار، فحينما يتغير هذا الموضوع يتغير معه الحكم، وبناء عليه فالحرام باق على حاله غايته تغير مصداقه، وحينما جاء التحريم وانصب عليه كان لأجل كونه قماريا وأما الحلية فلأجل ارتفاع هذا الوصف عنه و هذا لا يعني تغيّر الحكم الإلهي حتى نقول هذا حرام وصار حلالا فكيف تقولون أنّ الحرام باق إلى يوم القيامة فإننا نقول الحرام و هو القمارية باق و لكن اليوم لم يعد قماريا فلذلك لم يعد محرما
وأما لو صار القمار حلالا لجاء الإشكال بتغيير أحكام المولى و صيرورة الحرام حلالا و لكن لم يقل بذلك أحد.
وتجدر الإشارة إلى أن الكلام في مثل هذه الأبحاث يحتاج إلى مقدمات و يتوقف فهم بعضها على بعض العبارات
وهي أمور تبحث بالحوزات، ولكننا حاولنا قدر الإمكان اجراء بعض التعديلات حتى نجيب عن مثل هكذا تساؤلات
والحمدلله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين
المصدر:
(1) شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٠