ما هي العوامل التي تؤثر على اخلاقنا؟

Question

السلام عليكم ورحمة الله،
ما هي أهم العوامل التي تؤثر على أخلاقنا؟

Answer 1

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

من أهم العوامل التي تؤثر على أخلاق الإنسان:

1-  البيئة

2-  التربية 

3-  الوراثة 

العنصر الاول: البيئة

   لا يخفى أنّ للبيئة التي يعيش فيها الانسان تأثيرا كبيرا على أخلاقه، فالبيئة هي من أهم منابع تلقي الفضائل أو الرذائل، فهي المكان الذي يرى الانسان فيه انفعالات الناس وسلوكهم، والانسان كثيرا ما يتعلم ويكتسب سلوكياته مما يراه أمامه، وخير مثال ان نلاحظ الفرق بين الانسان الذي يعيش في بيئة صالحة محافظة متدينية، وبين الانسان الذي يعيش في بيئة غريبة عن الدين بعيدة عن السلوكيات المحمودة حيث يكون الناس فيها قد اعتادوا على أمور بعيدة كل البعد عن الدين، فلا تحيا فيها المناسبات ولا يسمع فيها الدعاء ولا الاذآن ولا يرى فيها الشعائر ولا ترى عينه فيها المرأة المحتشمة ولا يجتمع فيها المؤمنون لإحياء أمور الدين، يقول الله تعالى في محكم التنزيل:

{وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذْنِ رَبِّهِۦ ۖ وَٱلَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} الأعراف - 58

ويقول تعالى:

{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلْمَلَٰئِكَةُ ظَالِمِىٓ أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ قَالُوٓاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا} النساء – 97

وعليه فليس معذورا هذا الذي يعيش في دولة الكفر أن يكون بعيدًا عن الدين بسبب أن وجوده في هذا المكان الذي لا يسمح له بأن يكون عابدا طائعا، لذلك ورد في دعاء عرفة أن الامام حمد الله أنه لم ينشأ في دولة الكفر.

وورد أن من الكبائر التعرّب بعد الهجرة، وغيرها من الأدلة التي يمكن أن نسوقها في المقام ولكن للاختصار نكتفي بهذا المقدار.

العامل الثاني: التربية

إنّ تربية الأسرة من أهم العوامل التي تلعب دورا مهما في التنيمة المعنوية للفرد، لذلك أمرنا في القرآن:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم – 6.

فإن علينا أن نربي أنفسنا وأولادنا وأهلنا على الأخلاق الحسنة وهذه التربية للاولاد هي مدخل إلى تحليهم بالاخلاق الفضيلة كما قال أمير المؤمنين: "إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقى فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك، ويشتغل لبك"  شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٦٦

وإذا تأملت ما قاله اليهود لمريم سلام الله عليها حينما جاءهم بعيسى على نبينا وآله وعليه السلام، قالوا:

{يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}  مريم – 28

فالاعتراض إنما لأجل أنه يرتكز في الذهن أن  تربى في بيت صالح لا يصدر منه ما ظنوا به.

العنصر الثالث: الوراثة

 إن خصال الخير تُوَرَّث، وكذلك خصال السوء، وهذا أمر له دلائله الواضحة حتى في العلم الحديث، فإن للوراثة الدور والتأثير وزيادة القابلية، لذا ورد عندنا أن نتخيّر لنطفنا، وورد أن الخال أحد الضجيعين، وإذا تأملت في الآية الكريمة:

{إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} نوح 27

أي إن هؤلاء الناس لا خير حتى في ذريتهم، في مقابل قوله تعالى:

{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ۝ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} آل عمران – 33 -34.

 أي إن الخير في أصلابهم.

  وعليه هذا أمر بالغ الأهمية لمن أراد أن يتزوج أن ينظر إلى هذه العوامل الثلاثة وأن يعلم أن بناءه الاخلاقي يتأثر بهم بشكل ركني.

وننبه على مسألة وهي أن العامل الوارثي لا يكون معيّنا ومحتما على المرء السلوك، فالسلوك ليس أمرا قهريا، وإنما الوراثة تلعب دورَ المحفزّ والمقوي والدافع باتجاه السلوك بغض النظر عن طبيعته الحسنة أو السيئة ولكن يبقى الامر ضمن دائرة الانسان واختياره، وللمسألة تفصيل لا يسعه المقام.

والحمد لله رب العالمين.