وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بداية و قبل الجواب نود لفت نظركم إلى عدة أمور:
أولا إن الشيعة الإمامية (أعزهم الله) من جملة ما تعتقد به أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله هو أفضل خلق الله وأعظمهم فهو المخلوق الأكمل والحائز على المقامات الأعلى و المكانة العظمى، وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وبناء عليه فهو ليس بحاجة إلى معونة أحد بل الكل محتاج إليه و هو غني عنهم
ولعمري فمن هو هذا ورقة بن نوفل حتى يحتاج النبي إليه
فيا للعجب كيف تصدر هذه الكلمات والأعجب وجودها في شيء من المرويات
فهذا أعلم خلق الله و أعلاهم وافضلهم، قبل البعثة و بعدها وتراه مرتابا و إلى المعونة محتاجا!
ثانيا: القرآن الكريم هو كتاب الله السماوي نزل على قلب النبي صلى الله عليه واله ولا كلام أزيد أو أقل من ذلك.
إذا كان كذلك نقول: لم نعثر على مصدر يثبت ذلك من طرق أئمتنا ولقد كفانا علماؤنا مؤونة البحث عن الجواب حيث إنهم طرحوا المسألة وناقشوها وبينوها لنا وفصلوها
وسنضع بين أيديكم بعضا من كلماتهم رفع ربي من مقاماتهم:
الكلام الأول: لسيدنا الجليل العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين رحمه الله في كتابه (النص والاجتهاد) حيث إنه بعد أن نقل نص البخاري في هذه المسألة قال:
(تراه نصاً في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان ـ والعياذ بالله ـ مرتاباً في نبوته بعد تمامها وفي الملك بعد مجيئه إليه وفي القرآن بعد نزوله عليه وأنه كان من الخوف على نفسه في حاجة إلى زوجته تشجعه وإلى ورقة الهرم الاعمى الجاهلي المتنصر يثبت قدمه ويربط على قلبه ويخبره عن مستقبله ...) (1)
الكلام الثاني لسيدنا الجليل العلامة السيد منير الخباز حفظه الله (2) حيث أفاد:
ورقة ابن نوفل - غير وارد ذكره عند الشيعة - في كتب اخواننا السنة أن النبي لما نزل عليه الوحي في غار حراء جاء مرتعدا خائفا إلى زوجته خديجة فدثرته بالدثار، ثم جاءت به إلى ورقة ابن نوفل - كان نصرانيا في الجاهلية - فقال: لا تخف إن الناموس الذي نزل عليك هو الذي نزل على موسى ابن عمران .
الرد على هذه القصة:
أولا: لم تروى هذه القصة من طرقنا نحن الإمامية، فإذن تفرد بها فريق من المسلمين، ولا يمكن أن يطعن في الدين بقصة تفرد بها فريق من المسلمين، بل من الغريب أن الراوي للقصة هي عائشة، وعائشة زوجة رسول الله عند اخواننا أهل السنة لم تولد إلا بعد البعثة، فإذا كانت لم تولد إلا بعد البعثة، فكيف عاصرت الحدث، ورأت أن النبي جيء به إلى ورقة ابن نوفل، وهو الذي علمه أنه نبي من الله، وأن الناموس الذي نزل عليه هو الناموس الذي نزل على موسى ابن عمران؟
ثانيا: قصة ورقة ابن نوفل لم يروها بعد عائشة إلا البيت الزبيري، عبدالله ابن الزبير ومن تلاه، وهم ليسوا في موقع المصداقية والوثاقة كي يعتمد على نقلهم ورواياتهم.
ثالثا: الذين أثبتوا قصة ورقة ابن نوفل، قالوا: أن ورقة ابن نوفل مات بعد بعثة الرسول بسنتين، بينما الرسول بقي 20سنة من بعد وفاة ورقة ابن نوفل، يصدر قصص، وتشريعات، وأوامر وتعاليم، فمن أين اكتسب البقية؟ فلنفترض أنه اكتسب من ورقة ابن نوفل لمدة سنتين، فمن أين جاء النبي ببقية العشرين سنة من نزول القرآن؟
والحمدلله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين
المصدر:
(1) (النص والاجتهاد:421)
(2) محاضرة تحت عنوان: القرآن إبداع بشري أم إعجاز إلهي؟
